مكة المكرمة :- عمر الموسى
أوصى معالي الشيخ الدكتور صالح بن حميد إمام وخطيب المسجد الحرام في مطلع خطبة الجمعة بالمسجد الحرام بتقوى الله وقال: أوصيكم بتقوى الله عز وجل ، فاتقوا الله رحمكم الله ، يا عبد الله : كن مع الله ولا تبالي ، ومد إليه يديك في ظُلَم الليالي ، اصفح ، وسامح ، واتق الله حيثما كنت ، وأفعل الخير ، ولا تحقرن من المعروف شيئا، من صفا قلبه سمت أخلاقه ، ومن جَمُل قوله صدق ظنه ، ومن أخلص لله حَسُن صنيعه ، وأعلم – حفظك الله – أن ما كُتب لك سيأتيك مع ضعفك ، وما ليس لك لن تناله بقوتك ، مِنْ ظُلْم حق الأخوة أن تذكر أسوأ ما تعلم ، وتكتم خير ما تعلم ، يقول بعض الصالحين : إني أكره أن يعلم الله من قلبي غلاً على مسلم
وأضاف قائلاً: سبحان ربِّنا ما أعظمه ، له الملك كله ، وبيده الخير كله ، وإليه يرجع الأمر كله ، عنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ، ويعلم ما في البر والبحر ، وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ، ولا حبة في ظلمات الأرض ، ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين، خيره إلى العباد نازل ، وشرهم إليه صاعد ، يتحبب إليه بالنعم وهو الغني عنهم ، ويتبغضون إليه بالمعاصي وهم الفقراء إليه ، لا ينالهم خير إلا برحمته وفضله ، ، ولا يمسهم سوء إلا بحكمته وعدله
وتحدث قائلاً: ضعف الطالب والمطلوب ماقدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز ، واليوم عرف الناس مخلوقات أضعف من الذباب ، وأصغر وأحقر ، هذه المخلوقات الضعيفة ليست تسلُب من الإنسان شيئاً خارجاً عنه ، بل إنها تسلب قواه ، وقدرتَه ، وصحتَه ، وعافيتَه ، بل إنها تميته وتهلكه بقوة الله وقدرته .
بلى؛ لقد ابتلاهم ليعلموا ضعفهم وعجزهم ، ابتلاهم لعلهم يرجعون .
أيها الاخوة الأحبة : وإذا كان ذلك كذلك فإن للنوازل والابتلاءات عباداتٍ وأخلاقيات لا تظهر إلا مع طول البلاء والابتلاء ، ينبغي لأهل الإيمان والصلاح العنايةُ بها ، والاهتمام بها ومن ذلك : الرجوع إلى الله بإظهار أنواع العبودية من الخضوع له سبحانه ، وحسنِ التوكل عليه ، والصبرِ ، والتضرعِ ، والانكسارِ ، والتسليمِ ، واليقين ، وصدق التوبة ، والدعاء ، وسلامة الصدر ، وملاحظةِ ألطاف الله في أقداره ، وملازمة أذكار الصباح والمساء ، وإظهار الفقر ، والعجز ، والمسكنة ، والتبرؤ من الحول والقوة ، والثقة بالله وحده ، وعدم التعلق بالبشر .
وخلال الخطبة الثانية تحدث بن حميد عن عظم الجزاء مع عظم البلاء وقال: ومما يستوجب الخوف والحذر – مع ما يرى من طول البلاء ، وازدياد الإصابات والوفيات – أن لا يتوب مذنب ، ولا يعود مقصر ، ولاَ يَردَ آكلُ الحق ما أكل ولا يصلَ قاطعُ رحم ما قطع ، ولا يصالحَ مخاصمٌ من خاصم ، يقول النعمان بن بشير رضي الله عنه : الهلكة كل الهلكة أن تعمل السيئات في زمن البلاء .
وأضاف : وإن من مما يذكر ويشكر أنه في هذه الجائحة التي أقضت مضاجع الخلائق ، وهزت أركان الدول ، وأهمت الأمم ، وأرعبت البشر ، وغيرت طرق الحياة ، ومناهجها ومباهجها ، وما برحت الدول ، والمنظمات ، والهيئات ، تتبع مسالك تتواءم مع ظروفها ، وإمكانياتها لاحتواء المرض ، تستعد ، وتحمى ، وتعالج ، وفي هذا السياق والسباق ، تجلت فضائل هذه البلاد المباركة ، بقادتها وولاة أمرها ومسؤوليها ، وبحزمها وعزمها ، ترعى كل من على أرضها من مواطن ومقيم وزائر ، إنهم الجنود المجندة في كل ميدان ، في الحدود ، وفي الثغور ، وفي الصحة ، وفي الحرمين الشريفين ، وفي التجارة ، وفي كل مرفق ، فلله الحمد والمنة .
وقال بن حميد: كانت الدولة – رعاها الله – تقوم بكل هذه الإجراءات والاحترازات ، والاحتياطات فلماذا يأتي من يتهاون ويفتح بيته مشرعاً ليجمع الناس في مناسبة وغير مناسبة ؟ وكيف يتساهل بمن يشعر بأعراض المرض ثم يخالط الناس من غير مبالاة ولا إحساس ؟ فالأمر جدٌ وليس بهزل ، وكلنا مسؤول ، فيجب العمل والتعامل بوعي ونصح ، والأخذ على يد الجاهل والسفيه ، في تعاون من غير تهاون وهل يهون على المرء أن يرى المسجد الحرام من غير معتمرين ، والكعبة المشرفة من غير طائفين ، والصفا والمروة من غير ساعين ، والروضة الشريفة من غير مصلين ، والقبر الشريف من غير زائرين ولا مسلمين، أم يهون عليه أن تعلق الجمع والجماعات ، وتغلقَ المدارس والجامعات ، وقاعات البهجة والأفراح .
|